في قلب إفريقيا، في بلدٍ كان يومًا سلة غذاء القارة، يموت السودانيون اليوم جوعًا. المجاعة تتمدّد في خمس مناطق بحسب المرصد العالمي للجوع، وسط تحذيرات من توسّعها إلى خمس مناطق أخرى خلال أشهر قليلة، فيما يقف أكثر من 26 مليون إنسان على حافة الهلاك — نصف الشعب تقريبًا يواجه الخطر ذاته.
لكنّ الحكومة السودانية اختارت أن تُعلّق مشاركتها في نظام مراقبة الجوع التابع للأمم المتحدة، متهمة التقارير الدولية بأنها “تضليل” و“مسّ بسيادة السودان”. وزير الزراعة نفسه كتب إلى المنظمة الأممية نافيًا الموثوقية ومؤكدًا أن تلك البيانات “تمس كرامة البلاد”… غير أنّ السؤال يبقى: أي كرامة تُبنى على جوعٍ مفتوح؟
المنظمات الإنسانية تحذّر من أن انسحاب الحكومة سيجعل الكارثة أكثر تعقيدًا، إذ إن غياب البيانات يعني انقطاع المساعدات، وغياب الاعتراف يعني غياب الحلول. فالجوع لا يُدار بالإنكار، والمجاعة لا تُحاصر بالصمت.
السودان اليوم لا يحتاج إلى تبريرات ولا إلى شعارات سيادية جوفاء، بل إلى ضميرٍ يجرؤ على مواجهة الحقيقة: الجوع لا يُخفى، والمجاعة لا تكذب… فهي الآن تأكل البلاد.

