فجر 27 أكتوبر، تحوّلت بلدة كفر قود غرب جنين إلى ساحة إعدام ميداني. ثلاثة شبّان فلسطينيين حاصرهم جيش الاحتلال في الأراضي الزراعية، قبل أن يطلق عليهم النار بدم بارد ويحتجز جثامينهم. العملية، التي جاءت تحت ذريعة “مطاردة مقاومين”، كشفت عن سياسة تصفية ممنهجة لكل من يرفع رأسه في وجه الاحتلال.
لكن ما يزيد الجرح عمقًا — كما يقول أبناء جنين — هو أن رصاص الاحتلال لا يأتي وحده. فبموازاة الاقتحامات، تواصل أجهزة محمود عباس مطاردة المقاومين، وتقدّم للاحتلال معلومات دقيقة عنهم، في مشهدٍ يرى فيه الشارع الفلسطيني شراكةً أمنيةً في القتل لا تقلّ خطورة عن رصاص الجنود.
المدينة التي صارت رمزًا للمقاومة تُحاصر اليوم من جهتين: جيش الاحتلال من الخارج، وأجهزة السلطة من الداخل. وبينما المستوطنون يوسّعون تخريبهم في الأغوار، وتُهجّر العائلات تحت حماية الجيش، يواصل عباس رهان “الأمن مقابل البقاء”، رغم أن الواقع — كما تصفه أصوات غاضبة من جنين — يؤكد أن هذه المعادلة سقطت نهائيًا.
في شوارع جنين، الغضب يغلي، والوعي يعود. فالدماء التي سُفكت لا تفرّق بين رصاصة إسرائيلية أو خيانةٍ من رام الله — كلاهما، كما يردد الأهالي، يقتلان الحرية ويغتالان الكرامة.

