لم تكن القصة في الأردن عن دعوى قضائية فحسب، بل عن سقوطٍ أخلاقي مدوٍّ. فقد أثار المحامي الأردني علي الرشيدات موجة غضب واسعة بعد تبيّن أنه تَرافَع لصالح كيبوتس “إيلوت” الإسرائيلي في وادي عربة، ضد شركة أردنية تُدعى “حجازي وغوشة” تعمل في تصدير المواشي. الكيبوتس — وهو مستوطنة زراعية إسرائيلية — لجأ إلى المحامي الأردني في نزاع تجاري، ليصبح الأخير أول محامٍ عربي يدافع قانونيًا عن جهة إسرائيلية داخل الأراضي الأردنية.
الواقعة التي وُصفت بأنها “تطبيع مهني فاضح”، دفعت نقابة المحامين الأردنيين إلى اتخاذ قرار حاسم بشطب الرشيدات من سجلاتها، معتبرة أنه خالف “شرف المهنة” وتعاون مع كيانٍ عدوّ. القرار لقي تأييدًا واسعًا من الأوساط الشعبية والنقابية، باعتباره موقفًا وطنيًا يحفظ كرامة المهنة وتاريخها في مقاطعة الاحتلال ومناهضة التطبيع.
لكن الفضيحة لم تتوقف عند هذا الحد، إذ لجأ الرشيدات — بعد شطبه — إلى سلطات الاحتلال الإسرائيلي بحثًا عن دعمٍ لإعادته إلى النقابة. وبحسب تسريبات إعلامية، وجّه كيبوتس “إيلوت” رسائل رسمية إلى السفيرين الأردني والإسرائيلي للمطالبة بإلغاء القرار، في سابقة اعتُبرت تدخلاً سافرًا في الشأن القانوني الأردني، وكأنّ الكيان بات وصيًّا على العدالة في عمّان.
وفي موقفٍ وطني مشرف، أصدرت عشيرة الرشيدات داخل الأردن وخارجه بيانًا شديد اللهجة تبرأت فيه من مواقفه، مؤكدة رفضها لأي شكل من أشكال التعاون مع الاحتلال. هكذا تحوّلت القضية من نزاعٍ تجاري إلى جرحٍ وطني مفتوح، يذكّر الأردنيين بأن من يبرّر التطبيع باسم “الرزق”، لن يتردد في بيع الوطن حين تضيق عليه الجيوب.

