إحدى عشرة سنة كانت كفيلة بأن تجعل من اسمه عقدةً في ذاكرة نظامٍ كامل. هدار غولدن، الضابط الذي اختفى في رماد حرب 2014، يعود اليوم جثةً تُنتشل من نفقٍ في رفح المدمّرة، لا كجسدٍ يُعاد، بل كرمزٍ يُستدعى من عمق المعادلة.
مشهد الرفات ليس مشهد إنقاذٍ إنساني، بل استعراض سياسيّ صامت. إسرائيل تصرخ مطالبةً بالتسليم الفوري، وحماس تردّ ببرودٍ محسوب: الأرض لا تعيد ما في جوفها مجانًا. كل طرف يقرأ الجثة كصفقةٍ مؤجّلة، وكأن التراب نفسه صار مائدة تفاوض.
في رفح، تتقاطع الرموز بالدماء. من يملك الجثة يملك مفتاحًا يفتح أو يغلق زنزانةً، ومن يخطئ الحساب يدفع الثمن مضاعفًا. فكل رفاةٍ هنا ليست نهاية، بل بداية لملفٍّ جديد يُدار بالضغط والمساومة.
ويبقى السؤال الحارق: هل ستُبعث الجثة لتكون جسراً نحو الفداء، أم وقوداً لجولةٍ أخرى من الصمت المدفوع بالدم؟ في لعبةٍ كهذه، الجثث تُحرّر أحيانًا، لكن الأحياء يظلون أسرى الصفقة.

