في لندن، حيث تُوزن الكلمة بميزان الذهب، اهتزّت أروقة هيئة الإذاعة البريطانية BBC على وقع فضيحة إعلامية مدوّية. فيلمٌ وثائقي بعنوان Trump: A Second Chance كان كافيًا ليُسقط رأسَي الهرم: المدير العام تيم ديفي ورئيسة الأخبار ديبورا تورنيس.
السبب: تحريف لتصريحات دونالد ترامب في الوثائقي، إذ جرى دمج خطابين مختلفين ليبدو وكأنه دعا أنصاره صراحة لاقتحام الكونغرس عام 2021، فيما حُذفت مقاطع تشير إلى دعوته للاحتجاج السلمي. المشهد بدا اتهامًا مقصودًا قبل الانتخابات بأيام قليلة.
الصحيفة البريطانية «التلغراف» فجّرت الفضيحة، لتبدأ بعدها سلسلة الانهيارات داخل المؤسسة الأعرق في تاريخ الإعلام. وبعد عشرين عامًا من الخدمة، خرج تيم ديفي معلنًا استقالته قائلاً: “ارتكبنا أخطاء، وعليّ أن أتحمّل المسؤولية كاملة.”
لكن خلف الاعتذار، قصةٌ أكبر من “خطأ مهني”. إنها مواجهة مكشوفة بين الإعلام والسياسة — بين من يصنع الصورة ومن يفصّل الحقيقة على مقاسه. ترامب الذي هزّ الإعلام الأمريكي بالأمس، يعود اليوم ليهزّ الإعلام البريطاني من جذوره، وليثبت مرة أخرى أن الرجل الذي صنعت ضده كل الأفلام مازال هو من يكتب السيناريو الأخير.

