أثار إعلان سحب واسع النطاق لآلاف عبوات دواء أتورفاستاتين، المستخدم على نطاق واسع لخفض الكوليسترول، موجة قلق في الولايات المتحدة، خصوصًا بين ملايين المرضى الذين يعتمدون على أدوية الستاتين للوقاية من أمراض القلب والشرايين.
ومنذ أواخر أكتوبر 2025، تصاعدت التغطيات الإعلامية بعد تأكيد سحب كميات كبيرة من النسخة الجنيسة لدواء ليبيتور (Lipitor)، أحد أكثر الأدوية وصفًا في الولايات المتحدة، حيث يتجاوز عدد الوصفات السنوية له 115 مليون وصفة، يستفيد منها أكثر من 29 مليون أميركي.
ما الدواء المسحوب؟ ولماذا؟
السحب شمل أدوية أتورفاستاتين التي وزّعتها شركة Ascend Laboratories ومقرها نيوجيرسي، والتي أعلنت في 19 سبتمبر عن سحب نحو 142 ألف عبوة، تحتوي كل منها على 90 أو 500 أو 1000 قرص.
وفي 10 أكتوبر، صنّفت هيئة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) هذا السحب ضمن الفئة الثانية (Class II)، أي أن استخدام الدواء قد يؤدي إلى “آثار صحية مؤقتة أو قابلة للعلاج طبيًا”، بعد أن تبيّن أن الأقراص لا تذوب بالشكل المطلوب داخل الجسم.
لماذا يُعدّ هذا الخلل خطيرًا؟
يعتمد مفعول أتورفاستاتين على ذوبان القرص داخل الجهاز الهضمي قبل امتصاص المادة الفعالة وانتقالها إلى الكبد، حيث تعمل على خفض مستويات الكوليسترول الضار (LDL).
لكن الأقراص المعيبة، التي تم تصنيعها بين نوفمبر 2024 وسبتمبر 2025، فشلت في اختبارات الذوبان، ما يعني أن الجسم قد يمتص جرعات أقل بكثير من المطلوبة.
ورغم أن المريض قد لا يشعر بتغير فوري، فإن الدراسات تظهر أن خفض LDL باستخدام أتورفاستاتين يقلل من النوبات القلبية والسكتات الدماغية بنسبة 22% على المدى المتوسط. وفي دراسة عام 2021، ارتفعت مخاطر الوفاة والحوادث القلبية بنسبة 12–15% لدى من توقفوا عن تناول أدوية الستاتين لمدة ستة أشهر فقط.
ماذا على المرضى أن يفعلوا؟
يشدد الخبراء على عدم التوقف عن تناول الدواء دون استشارة الطبيب أو الصيدلي، حتى لو كان الدواء ضمن الدفعات المسحوبة، لأن التوقف الكامل قد يكون أكثر خطورة.
اقرأ أيضاً:
صناعة على حافة الانهيار… من يُنقذ دواء المصريين؟
الدواء.. هل تحوّل إلى “حكم إعدام” في تونس؟
ويمكن للمرضى:
- التحقق من اسم الشركة المصنّعة على ملصق الوصفة الطبية
- البحث عن الرمز MFG Ascend أو MFR Ascend
- أو التأكد من رمز الشركة في الرقم الوطني للدواء (NDC)، حيث تحمل منتجات Ascend الرقم 67877
وفي حال تأكد أن الدواء ضمن السحب، يستطيع الصيدلي توفير نسخة جنيسة بديلة، أو استشارة الطبيب لوصف دواء آخر من نفس الفئة مثل روزوفاستاتين.
خلل متكرر في المصانع الخارجية
رغم أن التوزيع تم عبر شركة أميركية، فإن الدواء صُنع فعليًا في مصانع Alkem Laboratories في الهند. ويأتي هذا السحب ضمن سلسلة مشكلات متكررة في جودة تصنيع الأدوية خارج الولايات المتحدة، خاصة في الهند والصين.
وبعد جائحة كورونا، تراجعت عمليات التفتيش الدولية، ولا تزال FDA متأخرة في سد الفجوة الرقابية، خاصة أن المصانع الخارجية غالبًا ما تتلقى إشعارًا مسبقًا بموعد التفتيش، ما يقلل من صرامته.
وسبق أن أدت ثغرات مماثلة إلى:
- سحب قطرات عين عام 2023 بعد حالات فقدان بصر
- سحب 47 مليون عبوة من كلوريد البوتاسيوم عام 2024 بعد تسجيل وفيات
- اكتشاف مواد مسرطنة في أدوية ضغط وسكري وواقيات شمس بين 2019 و2025
يقظة المستهلك ضرورة
يحذّر الخبراء من أن المرضى أصبحوا “الخط الدفاعي الأول”، ويُنصح بالإبلاغ عن أي فقدان مفاجئ لفعالية الدواء، ما قد يساعد السلطات على اكتشاف الخلل قبل تفاقمه.
ورغم بدء FDA بتقاسم عبء التفتيش مع وكالات أوروبية، لا تزال الرقابة محدودة، ولا تُكشف المشكلات غالبًا إلا بعد وقوع أضرار واسعة.
المصدر:
نُشر التقرير أصلًا عبر موقع The Conversation، بقلم
C. Michael White – أستاذ الصيدلة الإكلينيكية، جامعة كونيتيكت.

