في مشهد يلخّص التحوّل الخطير في الخطاب الغربي، اعتقلت السلطات البريطانية الناشطة البيئية غريتا ثونبرغ في لندن بموجب قانون مكافحة الإرهاب، بسبب لافتة أعلنت فيها دعمها لمعتقلي حركة Palestine Action ورفضها الصريح للإبادة الجماعية في غزة. الاعتقال جرى خلال وقفة احتجاجية أمام شركة تأمين بريطانية تتعامل مع «إلبيت سيستمز»، إحدى أكبر شركات السلاح الإسرائيلية المرتبطة بالحرب على القطاع.
غير أن القضية تتجاوز اعتقال ناشطة معروفة، لتكشف مسارًا سياسيًا وأمنيًا جديدًا. فالبرلمان البريطاني صنّف حركة Palestine Action، التي تعتمد على الاحتجاج الحركي غير العنيف، كـ«منظمة إرهابية»، ما يجعل أي تضامن معها جريمة، وأي صوت داعم هدفًا للملاحقة القانونية.
اعتقال ثونبرغ جاء ضمن حملة أمنية أوسع، إذ تشير المعطيات إلى توقيف أكثر من 2000 شخص منذ حظر الحركة الداعمة لفلسطين. المعادلة التي تفرضها لندن باتت واضحة: شركات السلاح محمية بالقانون، والاحتجاج ضدها يُعامل كتهديد للأمن القومي، حتى وإن كان سلميًا.
غريتا لم تكسر واجهة ولم تعتدِ على أحد، لكنها كسرت الصمت. وفي بريطانيا ما بعد حرب غزة، يبدو أن كسر الصمت وحده بات كافيًا لوسم صاحبه بالإرهاب. وهنا لا تعود القضية قضية غريتا، بل سؤالًا أكبر: من هو الإرهابي فعلاً؟ من يبيع السلاح لدعم الإبادة، أم من يرفع لافتة تقول: كفى؟
اقرأ أيضاً

