في خضم الجدل الذي تشهده أستراليا عقب الهجوم العنيف الذي وقع في منطقة بوندي بيتش بسيدني، برزت أصوات أكاديمية يهودية ناقدة لمحاولات ربط الحادثة بمواقف سياسية تتعلق بالقضية الفلسطينية.
وقال الأكاديمي الأسترالي اليهودي بيتر سليزاك، أستاذ الفلسفة في إحدى الجامعات الأسترالية، إن بلاده تعيش “صدمة حقيقية” بعد ما وصفه بـ”أسوأ عمل عنيف جماعي تشهده أستراليا في تاريخها الحديث”، مؤكداً أن المجتمع اليهودي في البلاد يعيش حالة من الصدمة العميقة.
وفي تعليق على تصريحات رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي حمّل الاعتراف الأسترالي بدولة فلسطين مسؤولية “إشعال نار معاداة السامية”، قال سليزاك إن هذا الربط “غير منطقي على الإطلاق”، مضيفاً أن الاعتراف بفلسطين “كان القرار الصحيح، بل ومتأخراً جداً”.
وتابع: “كيف يمكن ربط اعتراف سياسي بدولة فلسطين بجريمة يرتكبها شخصان نفّذا عملاً إجرامياً؟ هذا الخطاب يكشف كيف تحاول الحكومة الإسرائيلية دفع رواية سياسية تخدم أجندتها”.
“الهولوكوست استُخدم لتبرير جرائم بحق الفلسطينيين”
واستعاد سليزاك جانباً من تاريخه الشخصي، مشيراً إلى أن والديه من الناجين من المحرقة النازية، وأن والدته وجدته نجتا من معسكر أوشفيتز، فيما قُتل أفراد آخرون من عائلته فور وصولهم إلى غرف الغاز.
وقال: “نشأت على قصص أمي عن الهولوكوست، وما زلت أختنق وأنا أرويها. لكن الفلسطينيين لم يكونوا مسؤولين عن الهولوكوست، ولم يكن يجب أن يدفعوا ثمنها، ومع ذلك فهم يدفعونه منذ عقود”.
وأضاف بلهجة حادة: “الهولوكوست جرى استغلاله سياسياً لتبرير الجرائم المرتكبة بحق الفلسطينيين. الصمت ليس خياراً عندما تُرتكب جرائم باسمك”.
مسيرة تاريخية في سيدني ودعوات لتجريم التضامن مع فلسطين
وفي حديثه عن مشاركته في المسيرة الحاشدة التي شهدها جسر ميناء سيدني دعماً لفلسطين، وصف سليزاك الحدث بأنه “ملهم ومؤثر”، مشيراً إلى أن عدد المشاركين قُدّر بنحو 300 ألف شخص، في ما اعتبره أكبر تظاهرة من نوعها في تاريخ البلاد.
وأكد أن محاولات تصوير المسيرة على أنها “تجمع كراهية” لا أساس لها من الصحة، متهماً جهات صهيونية بالسعي إلى تشويه الحراك الشعبي. وأضاف أن السلطات الأسترالية، عقب أحداث بوندي بيتش، بدأت بمحاولات لتقييد التظاهرات المؤيدة لفلسطين، بل والسعي إلى تشريعات تعتبر أي انتقاد لإسرائيل شكلاً من أشكال معاداة السامية.
“انتقاد إسرائيل ليس معاداة للسامية”
وشدد سليزاك على أن هذا الخلط “خطير وغير صحيح”، موضحاً أن هناك “أسباباً كثيرة ومشروعة لانتقاد إسرائيل”، لا سيما في ظل مشاركة أستراليا في تصنيع أجزاء من مقاتلات F-35 التي تُستخدم في قصف غزة.
واستشهد بقول الزعيم الحقوقي الراحل ديزموند توتو: “في حالات الظلم، أن تكون محايداً أو صامتاً يعني أن تنحاز إلى الظالم”.
وختم بالقول إن فلسطين أصبحت “اختباراً أخلاقياً لعصرنا”، مضيفاً: “إذا كنا نعيش في دول تموّل هذه الإبادة بشكل مباشر أو غير مباشر، فإن مسؤوليتنا الأخلاقية تفرض علينا أن نتحدث. علينا أن نتجاوز هوياتنا الضيقة، ونرى إنسانيتنا المشتركة”.
اقرأ أيضا:










