الرياض – تحليل خاص – حذّر المعارض السعودي المقيم خارج المملكة، ناصر بن عوض القرني، نجل الداعية والأكاديمي السعودي البارز الدكتور عوض القرني المعتقل في السجون السعودية، من ما وصفه بـ«مشروع إقليمي خطير» تقوده دولة الإمارات العربية المتحدة، يستهدف – وفق تعبيره – إضعاف السعودية وتطويقها جغرافيًا وسياسيًا وأمنيًا.
جاء ذلك في مقطع مصوّر أعيد تداوله مؤخرًا، رغم أنه صُوِّر قبل نحو شهر، إلا أن إعادة نشره – بحسب ناشطين – جاءت لربط الأحداث المتسارعة في المنطقة، خصوصًا في السودان واليمن والقرن الإفريقي والخليج.
تحذير صريح: السعودية أمام تهديد غير متوقّع
استهل ناصر القرني حديثه بالتأكيد أن ما سيطرحه «حديث حساس قد يكلّفه علاقات شخصية»، لكنه شدد على أن «الوطن أولًا»، معتبرًا أن السعودية اليوم «مستهدفة من عدو غير متوقّع»، وصفه بأنه أقرب جغرافيًا وأخطر استراتيجيًا من الخصوم التقليديين.
وأوضح أن المشروع الذي تقوده أبوظبي – بحسب رؤيته – يمتد جغرافيًا من ليبيا إلى السودان، فمصر، ثم إثيوبيا واليمن، وصولًا إلى دولة خليجية، بهدف نهائي واضح: ترسيخ أبوظبي كالقوة الإقليمية الأولى في المنطقة، وهو ما لا يمكن تحقيقه – وفق القرني – إلا عبر إضعاف السعودية.
السودان: هدنة إنسانية لأغراض عسكرية
توقف القرني مطولًا عند الملف السوداني، معتبرًا أن ما يجري ليس حربًا أهلية ولا صراعًا على السلطة، بل «تدخّل إقليمي لمنع قيام دولة سودانية قوية وموحّدة».
وأشار إلى أنه عندما اقترب الجيش السوداني من الحسم، «خرجت فجأة دعوات لهدنة إنسانية مدفوعة من الإمارات عبر واشنطن ولندن»، لم يكن هدفها السلام، بل إعادة ترتيب صفوف ميليشيات الدعم السريع.
وبحسب القرني، استُخدمت هذه الهدنة لتسيير طائرات دعم عسكري من أبوظبي إلى مطارات في جنوب ليبيا (الكفرة)، وبونتلاند الصومالية، وتشاد، لدعم الميليشيات، بينما جرى – على حد قوله – «الغدر بالجيش السوداني خلال المفاوضات».
إثيوبيا وسد النهضة: نفوذ إماراتي خلف الكواليس
في ملف سد النهضة، رفض القرني اختزال الأزمة في كونها خلافًا مصريًا–إثيوبيًا، مشيرًا إلى نفوذ إماراتي متزايد في إثيوبيا عبر الاستثمارات في الموانئ والمشاريع اللوجستية، والعلاقات المباشرة مع القيادة السياسية.
وحذّر من أن هذا النفوذ يمنح الإمارات قدرة غير مباشرة على التأثير في البحر الأحمر، الذي وصفه بأنه «شريان حياة استراتيجي للسعودية».
مصر: القرار السياسي مرتهن للمال
وتطرق المتحدث إلى الوضع في مصر، معتبرًا أن الأزمة الاقتصادية العميقة جعلت القرار السياسي المصري «مرتهنًا لمن يملك الشيكات»، في إشارة إلى أبوظبي، وهو ما ينعكس – بحسبه – على مواقف مصر في البحر الأحمر، والسودان، والتحالفات الإقليمية.
اليمن: من عاصفة الحزم إلى خسارة استراتيجية
في الشأن اليمني، قال القرني إن السعودية دخلت الحرب تحت شعار إعادة الشرعية ومنع تمدد إيران، لكن ما حدث لاحقًا – وفق تحليله – هو سيطرة الإمارات على الموانئ الاستراتيجية، وعدن، وسقطرى، ودعم تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي الذي نازع الحكومة الشرعية ثم أضعفها.
وأضاف أن أبوظبي نجحت في إقناع أطراف سعودية بأن الخطر الحقيقي ليس الحوثي بل التيار الإسلامي، ما أدى – بحسبه – إلى نتيجة معاكسة: تعاظم قوة الحوثي، وترسيخ النفوذ الإماراتي، وخسارة السعودية سياسيًا وأمنيًا.
ليبيا: غرفة عمليات وتمويل
ووصف القرني ليبيا بأنها «المساحة المثالية لإدارة الملفات القذرة»، في ظل الفوضى والسلاح المنتشر وضعف الرقابة، معتبرًا أنها تحولت إلى منصة لتمرير السلاح، وغسل الأموال السياسية، وتمويل شخصيات عربية بعيدًا عن الأنظمة المصرفية الرسمية.
الكويت: اختراق خليجي صريح
وأثار القرني جدلًا واسعًا بتأكيده أن وزير الداخلية الكويتي بات – وفق وصفه – ينفذ أجندة إماراتية، مشيرًا إلى زيارات متكررة لأبوظبي وتمويلات عبر مشاريع في ليبيا، استُخدمت للتأثير على ملفات حساسة مثل المعارضة والجنسية والتوازنات الخليجية.
واعتبر أن هذا التطور يشير إلى أن المشروع الإماراتي «لم يعد يتحرّج حتى من دول الخليج».
الحرب على الإسلاميين: تفريغ السعودية من حلفائها
وفي محور لافت، قال القرني إن الإمارات روّجت لفكرة أن الإسلاميين هم الخطر الأكبر على استقرار المنطقة، مؤكدًا أنه يتحدث من زاوية مصلحة سياسية بحتة لا دينية.
وأشار إلى أن قوى إسلامية في اليمن والسودان كانت تاريخيًا على علاقة جيدة بالسعودية وتمتلك عمقًا شعبيًا، لكن استهدافها أدى إلى تفريغ الرياض من حلفائها الطبيعيين، وترك الساحة فارغة لمشروع أبوظبي.
من المستفيد؟
طرح القرني سؤالًا محوريًا: من المستفيد النهائي من تفكك السودان، واختراق إثيوبيا، وارتهان القرار المصري، وتمزيق اليمن، واستخدام ليبيا، واختراق الكويت؟
وأجاب: «بالتأكيد ليس السعودية»، بل الطرف الذي يخرج من كل أزمة أقوى اقتصاديًا وأمنيًا وبحريًا وسياسيًا، ويمتلك أوراق ضغط تحيط بالسعودية من كل الجهات.
رسالة أخيرة
وختم ناصر القرني حديثه بالتأكيد أنه لا يحمل عداءً لشعب الإمارات، بل يعارض «مشروعًا سياسيًا يتقدم على حساب ضياع دول عربية كبرى»، محذرًا من أن استمرار السعودية في تكرار الأخطاء سيقود إلى مستقبل تكون فيه «محاصرة من كل الجهات».
وأكد أن دور الجيل السعودي في الخارج هو «قول ما لا يُقال في العواصم»، قبل أن يدفع الجميع ثمن الصمت، مضيفًا:
«الخسارة الحقيقية ليست في قوة النظام أو ضعفه… الخسارة الحقيقية هي ضياع الوطن».
اقرأ أيضاً:










