غزة – الدوحة – بيروت – وطن
قالت جريدة الأخبار اللبنانية إن حركة «حماس» تشهد مرحلة تنافس داخلي محتدم على رئاسة مكتبها السياسي العام، يتمحور أساسًا بين شخصيتين بارزتين هما خليل الحية و**خالد مشعل**، في وقت لا يُستبعد فيه وجود أسماء أخرى، وإن كانت حظوظها أقل، على أن تؤول الرئاسة في النهاية إلى أحد هذين الاسمين.
خليل الحية: مرشح غزة بإجماع تنظيمي وميداني
وأوضحت الصحيفة أن خليل الحية برز خلال عامَي الحرب بوصفه أحد أعمدة القيادة الفعلية في قطاع غزة، إذ تولّى، بصفته نائب رئيس الحركة في القطاع، إدارة الملفات اليومية كافة، ثم واصل دوره ضمن المجلس القيادي لإقليم غزة، متحمّلًا مسؤوليات بالغة الحساسية، أبرزها ملف التفاوض مع الاحتلال خلال الحرب.
وأكدت الصحيفة أن الحية أعاد ترتيب أولويات القيادة عبر تفويض عضو المكتب السياسي باسم نعيم بملف العلاقات العربية والدولية، ليتفرّغ هو لإدارة التفاوض في ظل ظروف أمنية وميدانية معقّدة. وبحسب التقرير، أسهم هذا الدور في إعادة ترميم البنية التنظيمية للحركة بعد سلسلة اغتيالات إسرائيلية استهدفت قيادات الصف الأول، ما ساعد «حماس» على سد الفراغات القيادية واستعادة تماسكها الداخلي.
وأضافت الأخبار اللبنانية أن الحية يحظى اليوم بإجماع واضح داخل قطاع غزة، مدعومًا بثقة المجلس العسكري الجديد لكتائب القسام، وهو ما تُرجم بقرار داخلي سياسي وعسكري بدعم ترشحه لرئاسة المكتب السياسي. كما يحظى بثقة ملحوظة لدى كوادر الحركة الأسيرة في سجون الاحتلال، الذين يشكّلون، وفق الصحيفة، قوة تنظيمية ضاغطة ذات تأثير حقيقي في المعادلات الداخلية. كذلك، يتمتع الحية بتأييد في الضفة الغربية، مدعومًا بعلاقته الوثيقة بقيادة الإقليم هناك، ما يعزّز فرصه في حصد دعم واسع على مستوى الحركة ككل.
خالد مشعل: عودة تدريجية إلى قلب المشهد
في المقابل، أفادت الصحيفة بأن خالد مشعل عاد إلى واجهة المشهد الداخلي بعد سنوات من الابتعاد النسبي عن دائرة القرار، منذ انتخاب الشهيد إسماعيل هنية رئيسًا للمكتب السياسي عام 2017. ورغم احتفاظه برئاسة إقليم الخارج، فضّل مشعل خلال السنوات الماضية النأي بنفسه عن أي خطوات قد تُفهم على أنها تهديد لوحدة الحركة.
وبيّنت الصحيفة أن مشعل يتمتع برصيد تاريخي وتنظيمي واسع داخل «حماس»، إضافة إلى نفوذ معتبر في أوساط إسلامية قريبة من تيار الإخوان المسلمين في العالمين العربي والإسلامي. وعلى الرغم من فترات التوتر التي شابت علاقته بالشهيد يحيى السنوار، إلا أنه حافظ على دعم شريحة من كوادر وقيادات الحركة، بما فيها قيادات في غزة.
خلافات رؤية دون انفجار داخلي
وأكدت الأخبار اللبنانية أن مشعل يُعرف بامتلاكه قراءة سياسية واستراتيجية خاصة، لم تكن دائمًا متطابقة مع توجهات بقية أركان القيادة، لكنه حرص على تجنّب السجال العلني، ما أفشل رهانات خصوم الحركة على تفجّر خلافات داخلية، خاصة بعد عملية «طوفان الأقصى». ولفتت الصحيفة إلى أن مشعل بادر حينها إلى حسم الجدل عبر تصريحات ومقابلات أكّد فيها دعمه الكامل لخيار المقاومة المسلحة ووقوفه خلف قرارات الجهاز العسكري.
تحفّظات إقليمية ورؤية مختلفة للمرحلة المقبلة
وأشارت الصحيفة إلى أن مشعل احتفظ بملاحظات نقدية شملت التحالفات والعلاقات الإقليمية للحركة، إذ لم تكن علاقته خلال السنوات الأخيرة جيدة مع الجهة الإيرانية المعنية بملف المقاومة الفلسطينية، كما لم يُبدِ حماسة كبيرة لاستعادة العلاقة مع سوريا قبل تغيّر النظام، رغم تبنّيه الموقف الرسمي للحركة الداعي إلى إعادة العلاقات، مع حرصه على التذكير بالدعم الذي قدّمته دمشق لـ«حماس» قبل عام 2011.
وبحسب الصحيفة، يشعر مشعل اليوم بأن الواقع الفلسطيني، والحركة نفسها، بحاجة إلى مقاربة مختلفة في إدارة المرحلة المقبلة، لا سيما ملف قطاع غزة، مع تأكيده الثوابت الأساسية، وعلى رأسها المقاومة وسلاحها، وهو ما يفتح باب نقاش جدي داخل «حماس» حول الخيارات المستقبلية.
من القبول بالنتائج إلى الترشح الرسمي
وختمت الأخبار اللبنانية تقريرها بالإشارة إلى أن مشعل سبق أن سلّم بنتائج الدورات القيادية السابقة، ودعم انتقال قيادة الحركة إلى غزة بعد استشهاد هنية، ثم تولّي السنوار المنصب، كما وافق لاحقًا على صيغة المجلس القيادي بعد اغتيال الأخير، رغم ملاحظاته على محدودية تفعيل صلاحياته.
واليوم، تقول الصحيفة، يتحرّك مشعل للعب دور مركزي من جديد، عبر لقاءات موسّعة مع قيادات الحركة وفتح قنوات تواصل مع أطراف داعمة لها، إضافة إلى مشاركته في جلسات مصارحة ومصالحة داخلية، تمهيدًا للانتخابات المقبلة، مع إعلانه رسميًا الترشح لرئاسة المكتب السياسي لحركة «حماس».
اقرأ أيضاً:










