في مشهدٍ يُثير الضحك أكثر مما يُثير الغضب، خرج علاء مبارك يهاجم المقاومة الفلسطينية، ويشكّك في قادتها والتبرعات التي تجمعها، داعيًا الناس إلى عدم التبرع لغزة. مشهد عبثي لرجلٍ عاش عمره بين المليارات والقصور، ثم قرر فجأة أن يُحاضر الأمة في الأمانة والشرف! المفارقة أن هجومه جاء ردًّا على دعوة عمرو أديب للتبرع لإعمار غزة، ليصبح النقاش بين إعلام السلطة وابنها المدلل… حديثًا عن “الشفافية” في زمنٍ يفتقدها تمامًا.
كلام علاء مبارك بدا في ظاهره غيرةً على المال العام، لكنه ما إن خرج من فمه حتى تحوّل إلى نكتةٍ باهتة ونغمةٍ نشاز في مسرحٍ امتلأ بالمنافقين. ابن النظام الذي حوّل مصر إلى مزرعةٍ خاصة ونهب مع أسرته مليارات الجنيهات، يتحدث اليوم عن النزاهة والرقابة! أيّ وقاحةٍ تلك؟ أيظن الناس نسيت من هو ومن كان أبوه؟ ذاك الذي مزّق هيبة الدولة، وترك مؤسساتها رهينة طغيان العائلة والمقرّبين.
يتحدّث ابن مبارك عن “ثروات قادة المقاومة” وهو لا يدرك أن هؤلاء يعيشون تحت القصف، يودّعون أبناءهم في ساحات القتال، ولا يملكون من الدنيا سوى دمائهم وإيمانهم ووطنهم. لم يعرفوا القصور ولا امتلكوا حسابات في بنوك أوروبا، لكنهم امتلكوا ما لم يمتلكه آل مبارك يومًا: الكرامة والوطنية الحقيقية.
إنه مشهدٌ عبثي بامتياز: حين يصبح اللصُّ واعظًا، والمُترفُ حارسًا على الأخلاق. من وُلد في القصور لا يفهم معنى خيمةٍ تصمد تحت القصف، ومن تربّى على نهب البلاد لن يدرك قيمة التضحية. في زمنٍ اختلطت فيه الأدوار، صار الذئبُ يُلقي خطبةً عن الرحمة بالغنم، وصار من نهبوا الوطن يتحدّثون باسم الوطنية.

