لم يمضِ وقت طويل على جرائم النظام الإماراتي في السودان، حتى انفجرت من قلب أوروبا فضيحة جديدة، بطلها هذه المرّة محمد بن زايد نفسه. من باريس خرج التحقيق الصادم: شبكة تجسّس وتشهير تموّلها أبوظبي وتنفّذها أيادٍ فرنسية، تلقت أموالًا مباشرة من صندوق ابن زايد الشخصي. جهاز TRACFIN الفرنسي المكلّف بمكافحة غسيل الأموال تبيّن أنه تلقّى تعليماتٍ سرّية خلال زيارةٍ مشبوهة إلى دبي عام 2023، انتهت بإعداد ملف مزوّر ضد النائب الفرنسي كارلوس بيلونغو، فقط لأنه تجرّأ وانتقد سياسات الإمارات.
القضاء الفرنسي كشف أن الوثائق مزوّرة، وأن مصدرها دائرة ظلّ داخل قصور أبوظبي، فيما كشفت مصادر قريبة من الحكم أن الخبر وقع كالصاعقة داخل القصر. انفجر محمد بن زايد غضبًا، صرخ في وجه عبد الله بن زايد وطحنون، وأمر بتعطيل اتصالات جناح “المعلومات الخاصة”. وتمّ استدعاء رئيس جهاز العلاقات السرّية، وأطلقت حملة طوارئ إعلامية لتبرير الفضيحة عبر شماعة “الغيرة من نجاح الإمارات والمؤامرات الخارجية”.
لكنّ الحقيقة لا تُغَطّى بالشعارات. الفضيحة كشفت شبكة تجسّسٍ ناعمة يديرها القصر منذ سنوات، لشراء الذمم وتمويل الدعاية وغسل السمعة. حتى أوروبا — التي طالما تغاضت عن المال الإماراتي — بدأت اليوم تتقزّز من نفوذ قائم على الرشاوى والتضليل، بعد أن تبيّن أن الصحف والصفقات وحتى بعض السياسيين غارقون في أموالٍ مشبوهة.
الفرنسيون يقولون إن ما كُشف ليس سوى رأس جبل الجليد، وإن الملف القادم سيحمل تسجيلات واتفاقات سرّية بين رجال ابن زايد ومسؤولين فرنسيين. محمد بن زايد اليوم لا يخاف خصومه، بل يخاف مرآته؛ يخاف أن يرى فيها وجهه بلا أقنعة، وقد تهاوت حوله العروش التي شيّدها بالمال والدم والخيانات. وعندها — كما يقول التاريخ دائمًا — لن تنفعه قصوره المحصّنة ولا تحالفاته المشتراة، لأن الحساب حين يأتي… لا يترك لأحد بابًا للهروب.

