قالت الإعلامية المصرية المعارضة والمقيمة في الولايات المتحدة آيات عرابي إن الإلهاء الإعلامي لم يعد مجرد أداة دعائية، بل تحوّل إلى صمّام أمان أساسي تعتمد عليه الأنظمة العسكرية في مصر لمنع انفجار الغضب الشعبي، مؤكدة أن ما وصفته بـ«عصفورة ريهام عبد الغفور» يأتي في هذا السياق.
وأضافت عرابي، في منشور تحليلي نشرته في منصة X، أن المطلوب من المصريين وفق منطق النظام هو نسيان ما سمّته «جريمة الخيانة العظمى» التي ارتكبها عبد الفتاح السيسي مؤخراً، عبر صفقة تضخ بموجبها 35 مليار دولار في خزينة من دمّروا غزة وأبادوا وشرّدوا أهلها، في إشارة إلى صفقة الغاز مع إسرائيل.
وأكدت أن هذه الحملة الإلهائية تهدف أيضاً إلى صرف الانتباه عن كارثة سد النهضة الإثيوبي، وكذلك عن قضية مدرسة «سيدز» الدولية التي جرى تحويلها إلى القضاء العسكري، معتبرة أن ذلك جرى «لحماية مؤخرة البعض»، على حد وصفها.
لعبة «تنفيس القدر»
وأشارت عرابي إلى أنها سبق أن ربطت، في مقال سابق، بين ما أسمته «اشتغالات بصّ العصفورة» وصفقة الغاز مع إسرائيل، موضحة أن الصفقة نفسها أُنجزت منذ أشهر، لكن «شاويش الانقلاب»، وبالتنسيق مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، لجأوا إلى ما وصفته بلعبة «تنفيس القدر».
وأضافت أن هذه اللعبة قامت على تسريبات وتصريحات متناقضة، بدأت بإيحاءات إسرائيلية عن وقف الصفقة، بهدف إقناع المصريين بأن السيسي «مُستهدف» من إسرائيل، ثم خرج ترامب ليعلن تدخله لإتمام الصفقة مقابل ترتيبات معينة، قبل أن تتولى ماكينة الإعلام المصرية تصوير الأمر على أنه انتصار للسيسي ورفض إسرائيلي بسبب موقفه من تهجير أهالي غزة.
وشددت عرابي على أن هذا الخطاب «غير صحيح من أساسه»، مؤكدة أن الصفقة لم تُرفض يوماً، وأن كل ما جرى كان حملة دعائية محسوبة لامتصاص الغضب الشعبي المتوقع.
«الشعوب لم تمت»
وتطرقت عرابي إلى خطاب شائع يعتبر أن الشعب المصري «مات إكلينيكياً» أو أصبح غير قابل للحراك، معتبرة أن هذا الطرح نابع من الإحباط، لكنه لا يعكس حقيقة ما تراه الأنظمة نفسها.
وقالت إن الأنظمة العسكرية، ومعها القوى التي تديرها في واشنطن وتل أبيب، تدرك جيداً أن الشعوب لم تمت، ولو كانت كذلك لما احتاجت إلى هذا الكم الهائل من القنوات الإعلامية، ولا إلى أجهزة الدعاية والبيانات الرسمية.
وأضافت أن فكرة «موت الشعوب» هي نتيجة يأس وضيق أفق، بينما الواقع أكثر تعقيداً، لأن من يديرون المشهد يمتلكون رؤية شاملة لدولة بأكملها، لا لمجرد مشاهدات جزئية.
«عصفورة جديدة»
وأوضحت عرابي أن فشل أدوات الإلهاء السابقة في أداء دورها المطلوب، دفع النظام إلى إطلاق «عصفورة جديدة»، تمثلت—بحسب وصفها—في قضية الفنانة ريهام عبد الغفور، معتبرة أن تزامن ظهور هذه القضايا مع أحداث غير عادية ليس مصادفة، بل لهوٌ إعلامي مقصود.
واستشهدت عرابي بمثال سابق، حين ظهر الرئيس المخلوع حسني مبارك في مباراة كرة قدم عقب كارثة عبارة «السلام 98»، التي راح ضحيتها مئات المصريين، معتبرة أن التاريخ المصري الحديث مليء بأمثلة استخدام الإلهاء الإعلامي في توقيتات حرجة.
مراجعة دور الإعلام
وختمت عرابي بالقول إن الإلهاء الإعلامي هو صمّام الأمان الحقيقي للأنظمة العسكرية، داعية إلى مراجعة شاملة لثوابت العمل الإعلامي، ومؤكدة أن الإعلام لا يقتصر على نقل الخبر أو استضافة معلّق، بل يتطلب تحليل ما وراء الخبر وربط الوقائع بسياقاتها.
وشددت على ضرورة عدم الانشغال بقصص الإلهاء، بل التركيز على جوهر القضايا، وفي مقدمتها—بحسب تعبيرها—«خيانة السيسي في ملف الغاز»، وقضية مدرسة سيدز الدولية، قبل أن تختم بقولها:
﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾.
اقرأ أيضاً:










