بعد أشهر من المباحثات ومسودات القوائم والنقاشات المكثفة، عادت مسألة إنشاء هيئة تكنوقراطية للإشراف على إدارة قطاع غزة إلى صدارة الجهود الدبلوماسية.
وبحسب مصدر فلسطيني نقلت عنه صحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية، أجرت مصر مشاورات مع جميع الفصائل الفلسطينية وقدمت لإسرائيل قائمة تضم نحو 80 اسماً، مقسّمين إلى مجموعتين وفقاً للخطوط الحمراء التي حدّدتها إسرائيل. وقال المصدر إن الهدف هو ضمان أن أي شخص يتم اختياره، سواء كان محسوباً على حركة فتح أو مقرباً من حركة حماس، سيعمل حصراً ضمن القيود المحددة سلفاً.
الحاجة إلى آلية مؤقتة للحكم المدني في غزة
وقال المصدر للصحيفة العبرية إن من بين الأسماء المقترحة أطباء واقتصاديين ومهندسين، وهي قائمة سلّمتها مصر إلى إسرائيل.
وكانت الهيئة التكنوقراطية قيد النقاش منذ أشهر، لكنها استعادت أهميتها في ظل الاستعدادات للمرحلة الثانية من الاتفاق والحاجة إلى آلية مؤقتة للحكم المدني في غزة. ومن المقرر أن تتكوّن من مهنيين مثل الاقتصاديين والأطباء والمهندسين والمصرفيين ومديري الأنظمة، ممن لا يرتبطون رسمياً بأي فصيل سياسي أو مجموعة مسلحة، ولا يُعرف عنهم الانتماء لأي تيار سياسي.
وبموجب المقترح، ستتولى الهيئة إدارة الشؤون اليومية في غزة في مجالات مثل الرعاية الصحية والتعليم والبنية التحتية وإعادة الإعمار، ولن تنخرط في أي نشاط سياسي أو عسكري.
لم يُتخذ أي قرار نهائي
وأشار المصدر الفلسطيني إلى أنه لم يُتخذ أي قرار نهائي بعد بشأن تشكيلة الهيئة التكنوقراطية، إذ لا تزال بحاجة إلى موافقة إسرائيل. وبمجرد توضيح تفاصيل المرحلة الثانية من الاتفاق، بما في ذلك مسألة السلاح داخل غزة، من المتوقع أن تبحث الأطراف المعنية التشكيلة النهائية للجنة.
وقال المصدر: «إن هذا الأمر مرتبط أيضاً بالزيارات والتنسيق مع البيت الأبيض»، مضيفاً أن المسؤولين الإسرائيليين لا يُتوقع أن يقدموا رداً نهائياً قبل توضيح جميع القضايا العالقة، ولا سيما تلك المتعلقة بالترتيبات الأمنية والسلاح.
قائمة حماس تتضمن من تصفهم بـ«الشخصيات المستقلة
وقال مصدر مقرّب من حركة حماس لموقع Ynet إن الحركة لا تنوي فرض تعيين شخصيات بعينها، وإنها قدّمت قائمة تتضمن من تصفهم بـ«الشخصيات المستقلة»، إلى جانب أسماء تُعد موضوعية وأخرى مقربة من الحركة. غير أنه أضاف أن مصر لم تتبنَّ المقترحات التي قدمتها حماس أو السلطة الفلسطينية، ولا تلك التي طرحها مقربون من القيادي الفلسطيني السابق محمد دحلان المقيم في المنفى في دولة الإمارات العربية المتحدة.
ووفقاً للمصدر، فإن القاهرة تعتمد الآن بشكل كبير على علاقاتها المباشرة مع جهات محلية في غزة، بما في ذلك اللجان المدنية ووجهاء المجتمع المحلي والمهنيين المستقلين. ومن بين الأسماء التي اقترحتها مصر شخصيات من مجالات الاقتصاد والمصارف والمجتمع المدني ممن لم يُعرف عنهم خلال السنوات الماضية أي انتماء لأحد التيارات السياسية الرئيسية.
وأضاف المصدر أن التحدي الأساسي لا يكمن في هوية الأشخاص الذين سيقودون الهيئة التكنوقراطية، بل في قدرتهم على العمل ميدانياً.
معالجة مسألة السلاح
وقال: «السؤال هو من سيتعاون: إسرائيل من جهة، وحماس من الجهة الأخرى». حتى في حال تشكيل لجنة مدنية، حذّر المصدر من أنه طالما تحتفظ حماس بسلاحها ولا تمتلك الهيئة أدوات أمنية أو صلاحيات تنفيذية، فإن الحركة ستبقى الحاكم الفعلي لقطاع غزة.
وأضاف: «من دون وجود قوة دولية، أو انسحاب إسرائيلي متفق عليه، أو آلية أخرى لمعالجة مسألة السلاح، ستكون أي هيئة مدنية تُشكل ضعيفة».
وقال رجل الأعمال الفلسطيني الأميركي بشارة بحبح، الذي عمل وسيطاً بين حركة حماس وإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في مقابلة مع قناة «المملكة» الأردنية يوم الاثنين، إن التفاوض مع حماس حول تسليم السلاح ممكن كجزء من الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، دون أن يشكل ذلك تهديداً للحركة.
وأوضح بحبح أن القوات الدولية المكلفة بتحقيق الاستقرار ستكون مسؤولة عن تأمين غزة في المرحلة القادمة. وأضاف أنه يعتقد أن القضايا العالقة يمكن حلها إذا أجرت الإدارة الأميركية محادثات مباشرة مع الحركة.
أبرز المرشحين وزير الصحة الفلسطيني ماجد أبو رمضان
وقال بحبح إن الرئيس دونالد ترامب منح الإدارة الأميركية تفويضاً بعقد اجتماعات تهدف إلى إنهاء الحرب في غزة وتقدم المرحلة الثانية من الاتفاق، مضيفاً أن قطر ومصر والإمارات العربية المتحدة وبريطانيا وإيطاليا وألمانيا وافقت على المشاركة في مجلس سلام يقوده ترامب.
وأكد بحبح أنه لا يعتزم المشاركة بنفسه في إدارة غزة، وأكد أن إسرائيل تسلمت قائمة الأسماء الثمانين المرشحة لتشكيل الهيئة التكنوقراطية. وبحسب قوله، فإن من أبرز المرشحين وزير الصحة الفلسطيني ماجد أبو رمضان، الذي يُنظر إليه على نطاق واسع كأبرز المرشحين لرئاسة اللجنة.
ولغاية الآن، ما زال إنشاء الهيئة التكنوقراطية في غزة مشروطاً بحل القضايا الأمنية العالقة، خصوصاً مسألة السلاح وقدرتها على العمل بفعالية على الأرض. ومع ذلك، تواصل حماس ومصر والإدارة الأميركية دفع العملية قُدماً على أمل أن تتيح المرحلة الثانية من الاتفاق قيام آلية حكم مدنية أقوى في غزة بإشراف دولي وتنسيق وثيق مع إسرائيل.










