في عالم الإعلانات الذي يصنع الصور البراقة ويبيع الوجوه الملساء، تلمع شركة “هافاس” الفرنسية بين الكبار، بتاريخ عريق وشبكة تمتدّ عبر القارات. لكن خلف الواجهة المضيئة، تكشف الوثائق الأميركية عن وجهٍ آخر أكثر عتمة: تورّط الشركة في حملة تضليل عالمية ضد دولة قطر، بتمويل مباشر من الحكومة الإسرائيلية، وبميزانيةٍ ضخمة تتراوح بين 10 و15 مليون دولار سنويًا منذ عام 2023.
الحملة صيغت بدقّة جراحية: مواقع إخبارية وهمية، روبوتات رقمية تضخّ هاشتاغات مثل #QatarGate و**#DohaTerror**، ومؤثرون أميركيون يتقاضون آلاف الدولارات عن كل منشور على تيك توك وإنستغرام. حتى المظاهرات لم تسلم من الفبركة — احتجاجات مدفوعة بالكامل في شوارع واشنطن، صُمّمت لتبدو “غضبًا شعبيًا”، بينما كانت في الحقيقة مسرحية إعلامية لشيطنة الدوحة.
الأخطر في الوثائق هو مشروع سري يحمل اسم “GPT Framing”، تقوده شركة أميركية يرأسها براد بارسكيل، مدير حملة ترامب السابق. المشروع تقاضى نحو 6 ملايين دولار لبناء مواقع تُغذّي نماذج الذكاء الاصطناعي بمعلومات منحازة ضد قطر. كما انخرط معهد ISGAP في الحملة، متلقّيًا أكثر من 5 ملايين دولار، 80% منها من حكومة الاحتلال، لإنتاج تقارير مزيفة تتّهم تبرعات قطر للجامعات الأميركية بـ”نشر معاداة السامية” — في محاولة لتوريطها داخل دوائر السياسة والكونغرس.
هذه الفضيحة التي وُصفت في الغرب بأنها “حرب هجينة ضد الديمقراطية” هزّت أروقة الإعلام والسياسة. ومع تصاعد التسريبات من داخل “هافاس”، اضطرّ الرئيس التنفيذي للخروج ببيان مرتبك تحدّث فيه عن “مراجعة العقود” و”إعادة تقييم الشفافية” — لكنّ الضرر كان قد وقع، واسم الشركة الذي كان يومًا رمزًا للإبداع، صار عنوانًا لخيانة الحقيقة.

