في دبلن، خلف جدران البرلمان الهادئة، يدور صراع نفوذٍ خفيّ تتسلّل فيه أبوظبي بهدوء ودقة. تحقيق استقصائي كشف أن السيناتور الإيرلندية شارون كيغان أصبحت جزءًا من شبكة نفوذ إماراتية سرّية، بعدما تلقّت تمويلًا من الإمارات عبر مستشار محلّي لتغطية أبحاث وتقارير إعلامية تُخدم أجندة محددة.
الهدف لم يكن علميًا ولا أكاديميًا، بل سياسي بامتياز: رسم سردٍ جديد يصوّر جماعة الإخوان المسلمين كتهديدٍ أيديولوجي داخل أوروبا، في انسجام تام مع خطاب محمد بن زايد. الوثائق المسربة أظهرت تحركات برلمانية مدروسة، وبيانات رسمية موجّهة، وحتى تقارير بحثية جرى تمريرها تحت لافتة “استشارات سياسية” لتشكيل الرأي العام داخل المؤسسات الأوروبية.
ولم تتوقف الخيوط عند دبلن. التحقيق أشار إلى أن الإمارات تنسج الشبكة نفسها في لندن وباريس ومدن أخرى، عبر تمويلات خفية ونوابٍ يتبنّون خطابها المعادي لأي صوت إسلامي أو مستقل. إنها استراتيجية نفوذ ناعمة تُدار بالأموال والعلاقات العامة بدل الدبابات، لكنها لا تقل خطورة عن أي غزوٍ معلن.
محمد بن زايد، الذي دمّر الوعي في العالم العربي، يمدّ اليوم أذرعه إلى قلب أوروبا ليعيد إنتاج السرد نفسه: تشويه، تخويف، وتوجيه الرأي العام نحو عدوٍّ مُختلَق. إنّه الوجه العصري لسلطة الاستبداد… حيث تُستبدل الرقابة بالسرد المموّل، ويُشترى الضمير بفاتورة “استشارة سياسية”.

