من واشنطن، حيث تُرسم خرائط المنطقة على أوراق المصالح، خرج مبعوث ترامب معلنًا بثقة: “نأمل في توقيع اتفاق سلام بين الجزائر والمغرب خلال 60 يومًا”. ستون يومًا فقط لحلّ عقدةٍ عمرها أكثر من نصف قرن بين جارين فرّقتهما الصحراء بعدما جمعتهما الجراح والتاريخ والدم. ترامب يعود إلى المشهد من جديد، لا كرئيسٍ هذه المرة، بل كوسيط–مستثمر يلوّح بمشروع “سلام مغاربي جديد” بلا وساطة أممية ولا مشاورات علنية.
المبعوث الأمريكي ويتكوف ومستشار ترامب مسعد بولس يقودان المبادرة، ويروّجان لحلم سلامٍ سريع “يُعيد الاستقرار للمنطقة”. بولس كشف أنه التقى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبّون، وأنه لمس “ترحيبًا ببناء جسور الثقة مع المغرب”، مشيدًا بخطاب الملك محمد السادس الذي وصفه بـ”التاريخي”. كلمات ناعمة على السطح، لكن خلفها ملفٌ ملتهب اسمه الصحراء الغربية، لا يزال يُحرّك السياسة والمخابرات والسلاح والحدود معًا.
الولايات المتحدة تدرك أن من يمسك بخيوط هذا الملف يمسك بمفاتيح المغرب العربي كله، لذلك فهي لا تتحدث عن “سلام” بقدر ما تطرح صفقة نفوذ جديدة، تُعيد الجزائر والمغرب إلى دائرة الاهتمام الأميركي بعد سنوات من الفتور، تحت لافتة براقة اسمها “السلام الإقليمي”.
ويبقى السؤال الذي يشطر المشهد إلى نصفين: هل نحن أمام سلامٍ حقيقيّ ينهي صراعًا عمره نصف قرن؟ أم أمام نسخة مغاربية من اتفاقيات أبراهام، حيث تُباع السياسة وتُشترى السيادة… باسم “الاستقرار”؟

