في قلب بروكسل ارتفع تمثال ذهبي لعبد الفتاح السيسي، حمله أنصاره في مشهدٍ أقرب إلى الطقوس منه إلى التكريم. قيل إنها “مبادرة من الجالية المصرية لتكريم الرئيس”، لكن المشهد سرعان ما انقلب سخريةً عالمية. امتلأت المنصات بالمقارنات بين التمثال و“عجل بني إسرائيل”، في رمزيةٍ موجعة تختصر حال الزعامة التي تُقدَّس بدل أن تُحاسَب.
الفضيحة لم تتوقف عند حدود السخرية. فقد اعتُقل الكاتب هاني صبحي بعد أن لمح في منشورٍ إلى الحدث دون أن يذكر اسم السيسي، لكن تلميحه كان كافيًا لجرّه إلى الاختفاء القسري وسط صمت رسمي مطبق وغموض حول مصيره حتى الآن.
هكذا تُدار الأمور في ما يُعرف بـ“جمهورية الخوف”؛ حيث تتحول السخرية إلى جريمة، والتلميح إلى تهمة، ويُحاكم الخيال كما تُحاكم الكلمة. النظام الذي يقدّس صورته أكثر من الحقيقة لا يحتمل حتى مرآة الدعابة.
تمثال بروكسل لم يكن مجرد حدثٍ عابر، بل مرآة لذهنية الحاكم الذي يُبخَّر له بالبروباغندا ويُصلّى له بالمنشورات. في مصر اليوم، تغيّر الزمان، لكن حكاية “العجل الذهبي” لم تنتهِ… فقط تغيّر المعبد، وتبدّل الكهنة.

