في مطار شارل ديغول، البوابة التي يفترض أنها رمز النور الفرنسي، انفجر الغضب بصوت العمّال الذين قرروا أن يكشفوا ما تخفيه باريس خلف لغتها الدبلوماسية الناعمة. خرجوا بلافتاتهم يهتفون: “لن نكون شركاء في الحرب على غزة”، رافضين تحميل الطائرات الفرنسية شحنات متجهة إلى تل أبيب.
في مشهد نادر، توحّد العمّال والنقابات والجمعيات المدنية ضد حكومةٍ ترفع شعار الحرية والمساواة، لكنها تزوّد آلة القتل الإسرائيلية بالمعدات والذخائر. التقارير أكدت أن صادرات فرنسا العسكرية إلى إسرائيل تجاوزت 27 مليون يورو عام 2024 — أعلى رقم منذ ثماني سنوات — رغم تصريحات رسمية تنفي أي دعم عسكري مباشر.
الاحتجاج لم يكن سياسياً فحسب، بل أخلاقياً أيضاً. العمّال قالوها بوضوح:
“لا نريد أن تكون أيدينا ملوّثة بدماء المدنيين”.
لكن الشرطة سارعت لتفريقهم، وكأنّ باريس تخشى من صوت الضمير أكثر من صوت الصواريخ.
هكذا تنكشف المفارقة الفرنسية الفاضحة: دولةٌ تتغنى بالإنسانية في المؤتمرات، وتصدّر الموت في الصناديق المعدنية نفسها. تقول الحكومة إنها مع “حلّ الدولتين”، لكنها في الواقع مع الدولة التي تملك الدبابة… لا التي تملك الأطفال.

