بعد أشهر من التعطيل المتعمّد، وبعد أن أمسك بنيامين نتنياهو بالصفقة وعلّقها بقرار شخصي، خرج فجأة ليعلن المصادقة على ما وصفه بـ«أكبر صفقة غاز في تاريخ إسرائيل»، بقيمة 35 مليار دولار، نصفها – كما يقول – لإسرائيل، والنصف الآخر يمرّ من بوابة القاهرة.
ورغم الضخامة المعلنة للأرقام، فإن السؤال لا يتعلّق بقيمة الصفقة بقدر ما يطرح نفسه بقوة حول توقيتها: لماذا الآن؟ ومن يدفع الثمن؟ فنتنياهو نفسه كان قد أوقف الاتفاق في سبتمبر، واشترط موافقته الشخصية لتمريره، قبل أن يمنح فجأة الضوء الأخضر دون أي تغيّر في المشهد السياسي أو الإنساني.
لا حرب انتهت، ولا حصار رُفع، ولا مجازر توقفت في غزة؛ بل على العكس، غزة تُخنق، والدم يُستثمر، والغاز يتحوّل إلى عملة سياسية. نتنياهو يتحدث عن «مصالح أمنية إسرائيلية» دون شرح، لأن الترجمة واضحة: أمن الاحتلال أولًا، مهما كان الثمن الإنساني.
وفي الخلفية، تتحرك الولايات المتحدة بضغوط هادئة وتمرير ناعم وصفقة تُغلق خلف الكواليس. هنا لا نتحدث عن طاقة، بل عن سياسة خنق مقابل تطبيع اقتصادي، عن غاز يُضخ بينما تُمنع غزة حتى من الهواء، ليبقى السؤال الأخير والأخطر معلّقًا: هل هذه الصفقة هدية خذلان لغزة؟

