وأضاف أن المجلس لم يتحرك إلا بعد اعتراف الكيان الصهيوني، حيث سارع الأمين العام إلى إصدار بيان استنكار، دون أي إشارة إلى الإمارات التي كانت – بحسب وصفه – «السابقة والممهّدة» لهذا الاعتراف، ما يكشف ازدواجية واضحة في المواقف الرسمية.
وطن – متابعة خاصة – علّق الكاتب والإعلامي نظام المهداوي على اعتراف الكيان الصهيوني بما يُعرف بـ«أرض الصومال»، معتبرًا الخطوة تطورًا خطيرًا في مسار نفوذ إقليمي تقوده الإمارات، ويحمل تداعيات مباشرة على الأمن القومي السعودي والعربي.
وقال المهداوي، في سلسلة تغريدات نشرها عبر حسابه على منصة «إكس»، إن الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم البديوي ومن سبقه «ابتلعوا ألسنتهم» حين دعمت الإمارات انفصال أرض الصومال عن الدولة الصومالية، دون أن يصدر عن المجلس أي بيان إدانة يستنكر اعتراف الإمارات بما سُمّي «استقلال أرض الصومال».
ووصف المهداوي بيانات مجلس التعاون بأنها «وهمية»، معتبرًا أن التضامن الخليجي بات شكليًا، وأن الوحدة المعلنة «ظاهرها التماسك وباطنها التفرّق»، في وقت تتراكم فيه البيانات دون أي أثر فعلي على الأرض. وأكد أن الحقيقة الواضحة هي أن النفوذ الصهيوني يتمدّد في المنطقة العربية خطوة بعد أخرى، ولن يتوقف «إلا بعد أن يبسط قوته كاملة»، مشيرًا إلى أن هذا التمدد ما كان له أن يبلغ هذا المدى لولا «بوابة الإمارات».
وفي تغريداته اللاحقة، سلّط المهداوي الضوء على الأهمية الجيوسياسية لأرض الصومال، موضحًا أنها تقع مباشرة على خليج عدن، في مواجهة السواحل الجنوبية للمملكة العربية السعودية، وبالقرب من باب المندب ومدخل البحر الأحمر، أي إنها تطل على أخطر شريان بحري للأمن القومي السعودي.
وأوضح أن هذا الممر البحري تتحرك عبره صادرات النفط السعودية، وواردات الغذاء، والملاحة العسكرية والتجارية، محذرًا من أن «من يسيطر على هذه النقطة لا يحتاج إلى إطلاق رصاصة واحدة كي يهدد السعودية».
وعند قراءة الخريطة الإقليمية كاملة – بحسب المهداوي – تتكشّف صورة تطويق متدرّج للسعودية، تبدأ من:
- اليمن جنوبًا: نفوذ إماراتي في الموانئ والجزر، ودعم مجلس انتقالي انفصالي لا يخفي علاقاته بالكيان الصهيوني.
- إريتريا سابقًا: قواعد ونفوذ عسكري.
- أرض الصومال: ميناء بربرة.
- إثيوبيا: نفوذ اقتصادي ولوجستي إماراتي متنامٍ.
- السودان (غرب البحر الأحمر): دعم مباشر لميليشيات مسلحة.
وأكد المهداوي أن هذه الساحات، مجتمعة، تشكّل «مناطق نفوذ صهيوني–إماراتي» تُحكم الطوق حول السعودية من البحر والبر.
وأشار إلى أن الخطر الذي تواجهه السعودية اليوم «أكبر بكثير من خطر الحوثيين»، موضحًا أن الحوثي «عدو معلن، ونفوذه واضح، ويمكن ردعه عسكريًا»، بينما المشروع الجاري هو «مشروع ناعم، استثماري، قانوني في ظاهره، بلا ضجيج، طويل النفس»، وهو – وفق تعبيره – أخطر أنواع التهديدات.
وفي تغريدته الثالثة، شدّد المهداوي على أن الإمارات هي الدولة الوحيدة في العالم التي اعترفت بما يسمى «أرض الصومال»، قبل أن يلتحق بها الكيان الصهيوني، معتبرًا أن أبوظبي تمارس دورًا ثابتًا يقوم على دعم الانفصال، ورعاية الميليشيات وأمراء الحرب، وتمهيد الساحات لتمكين الكيان من بناء قواعده وتعزيز وجوده حيثما اندلع الخراب.
ولفت إلى المفارقة المتمثلة في أن محمد بن زايد هو الداعم الأول للانقلابي المصري عبد الفتاح السيسي، رغم أن سياسات هذا المحور – بحسب وصفه – تضرّ مباشرة بالأمن القومي المصري، قبل غيره.
وختم المهداوي تغريداته بنبرة تهكمية، معتبرًا أن المشهد الرسمي العربي لا يتجاوز لقاءات شكلية وبيانات إدانة باردة، يعقبها إسدال الستار «وكأن شيئًا لم يكن»، قبل أن يعلّق ساخرًا:
«شغّلوا أغنية: خليجنا واحد».










