وطن – في خضم جدل سياسي متصاعد في المملكة المتحدة، أثارت عودة الناشط المصري‑البريطاني علاء عبدالفتاح إلى بلاده الثانية بعد اثني عشر عامًا من السجن في مصر، عاصفة من الانتقادات والمطالبات بسحب جنسيته البريطانية، إثر إعادة تداول منشورات قديمة نُسبت إليه على منصات التواصل الاجتماعي.
علاء عبد الفتاح يقلب #بريطانيا.. حملة تشويه "صهـ.يونية ـ إماراتية" لإحراج حكومة ستارمر.. و #إيلون_ماسك على الخط، ونظام السيسي يستغل الحدث!
— وطن. يغرد خارج السرب (@watanserb_news) December 28, 2025
الحملة بدأت عبر قناة "GB News" المملوكة لشركة مقرّها #دبي.. من هنا بدأ ترويج اتهامات معـ.ا.داة السـ.ا.مية.. ثم تمرير هذه السردية إلى لوبيات… pic.twitter.com/XCXZWqUeO6
عودة مثيرة للجدل
عبد الفتاح، أحد الوجوه البارزة في الحركات الديمقراطية المصرية، غادر القاهرة متجهًا إلى لندن يوم الجمعة الماضي بعد رفع الحظر عن سفره، عقب الإفراج عنه في سبتمبر الماضي بعفو رئاسي. وبعد إعلان رئيس الوزراء كير ستارمر ترحيبه بعودته ولقائه بعائلته، أعيد نشر تغريدات قديمة كتبها قبل أكثر من عقد، وُصفت بأنها تحمل خطابًا معاديًا للسامية وللشرطة، بل و«مناهضًا لبريطانيا» بحسب منتقديه.
ردود سياسية حادة
قادة المعارضة في حزب المحافظين وحزب الإصلاح سارعوا إلى المطالبة بسحب الجنسية منه وترحيله خارج البلاد. رئيسة حزب المحافظين كيمي بادنوخ كتبت في صحيفة بريطانية أن ما ورد في تلك المنشورات من تعليقات حول العنف ضد اليهود والبيض والشرطة «مقزز ومرفوض تمامًا». أما زعيم حزب الإصلاح نايجل فاراج، فوصف التغريدات بأنها «شائنة» وتكشف – وفق تعبيره – عن «قيم تتناقض جذريًا مع نمط الحياة البريطاني»، مؤكّدًا أنه «لا ينبغي السماح لأي شخص يحمل مثل هذه المعتقدات العنصرية بالبقاء في البلاد»، وذلك في رسالة وجهها إلى وزيرة الداخلية شهبانة محمود المشرفة على شؤون الهجرة.
موقف الناشط واعتذاره
في بيان صدر الإثنين، أعرب عبد الفتاح عن دهشته من الحملة ضده في اللحظة التي كان فيها «يلتقي أسرته للمرة الأولى منذ اثني عشر عامًا». وقال إن إعادة نشر تلك المنشورات القديمة استخدم للطعن في نزاهته وقيمه، وذهب أبعد من ذلك وصولًا إلى المطالبة بإسقاط جنسيته. وأوضح أن بعض التغريدات أُسيء فهمها أو أُخرجت من سياقها، مشيرًا إلى أنها كتبت في فترة تميزت باحتقان إقليمي واسع مع اندلاع حروب في العراق ولبنان وغزة، إلى جانب تصاعد عنف الشرطة ضد الشباب في مصر آنذاك.
وأضاف عبد الفتاح: «حين أراجع الآن تلك الكلمات – التي لم يُحرّف معناها كليًا – أرى كم كانت صادمة ومؤذية، وأعتذر عنها بشكل لا لبس فيه».
قضية تمتد خارج حدود السياسة
قضية الناشط الذي أمضى قرابة 12 عامًا في السجون المصرية – آخرها بتهمة نشر أخبار كاذبة عن حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي – تجاوزت بعدها الشخصي لتتحول إلى نقاش أوسع حول حرية التعبير والمسؤولية الأخلاقية على الإنترنت، خاصة حين تُستدعى تعليقات قديمة لشخصيات عامة بعد سنوات طويلة من كتابتها.
ما بين التسامح والمساءلة
ويجد المتابعون أنفسهم أمام تساؤل أعمق: إلى أي مدى ينبغي التعامل مع أخطاء الماضي الرقمي كذنب لا يُغتفر؟ وبينما يطالب البعض بالمحاسبة الصارمة على أي خطاب يحرّض على الكراهية، يرى آخرون أن الاعتذار الصادق والتطور الإنساني يجب أن يُؤخذا في الحسبان.
وفي خضم هذه العاصفة، يظل علاء عبد الفتاح، الذي عاش معظم العقد الأخير بين جدران السجن، مثالًا لالتباس العلاقة بين النضال الحقوقي والإرث الرقمي؛ تذكيرًا بأن للكلمات التي تُنشر في لحظة غضب أثرًا قد يمتد لسنوات، وقد يحدد مصير أصحابها حين يطرقون باب الحرية من جديد.
اقرأ أيضاً
الإفراج عن الناشط علاء عبد الفتاح بعد سنوات من الاعتقال والنضال
الكويت تسحب جنسية طارق السويدان وتفتح ملف الجنسية مجددًا في الخليج
غضب شعبي في مصر بعد افتتاح متحف بمليار دولار وسط أزمة فقر متزايدة










