في أقصى الشرق المغربي، حيث تجفّ السماء وتيبس الوعود، خرجت نساء فكيك بالحايك الأبيض لا للفرح بل للاحتجاج، يحملن قوارير ماء فارغة كرمزٍ لوطنٍ جفّت فيه العدالة قبل العيون. للعام الثاني على التوالي، تهتف الواحات العطشى: “الماء حقٌّ وليس امتيازاً”.
في الرباط تُضاء الأبراج وتُطلَى الواجهات بالذهب، بينما فكيك تُطفئ عطشها بالصبر وتنتظر مشاريع التنمية التي لا تصل. هناك، يُدار الماء بعقود وصفقات، ويتحوّل من موردٍ حياتي إلى مشروع تجاري في مملكةٍ تقول إنها “تُحدّث نفسها” بينما تُعاقب الفقر وتكافئ الصمت.
نساء فكيك لم يخرجن بحثًا عن الماء فقط، بل عن كرامةٍ تاهت في ركام الوعود. في بلدٍ يفاخر بملك “الفقراء”، يبقى الفقراء عطشى. فالماء في فكيك لم يعد موردًا طبيعيًا، بل مرآة لسياسةٍ تُخصخص حتى الهواء وتُهمّش من لا يملك.
بهدوءٍ متمرّد، أعلنت نساء فكيك ثورتهن البيضاء بالحايك: ثورة على العطش، على التهميش، وعلى وطنٍ يرى أبناءه أرقامًا لا بشرًا. في فكيك، لا تسقط الأمطار… بل تسقط الأقنعة.

