في مفارقة صادمة، يعود المجرم إلى المجتمع ليستعيد كامل حقوقه، بينما يُسجن صاحب الرأي الحر وتُسحق كرامته. هذا المشهد ليس خيالًا سينمائيًا، بل واقع تعيشه مصر اليوم، حيث تتجسد القصة في اسم صبري نخنوخ، أحد أشهر البلطجية، في مقابل استمرار حبس المعارضين السلميين دون أفق للعدالة.
وبدأت القصة منذ سنوات في شوارع وأزقة بولاق أبو العلا، حين برز صبري نخنوخ كبلطجي معروف بحيازة السلاح والمخدرات وتربية الحيوانات المفترسة، قبل أن يبني نفوذًا خارج القانون ويخدم أجندات سياسية وتجارية. ومع الوقت، لم يعد مجرد خارج عن القانون، بل تحوّل إلى أداة تُستخدم لتثبيت النظام القديم، عبر التدخل في الانتخابات، وترهيب المنافسين، وحماية مصالح كبار المسؤولين.
عقب ثورة يناير، أُلقي القبض على نخنوخ وضُبطت بحوزته أسلحة ومخدرات، وصدر ضده حكم بالسجن المؤبد، في لحظة ظن فيها كثيرون أن العدالة قالت كلمتها. غير أن المشهد انقلب لاحقًا، فمع الانقلاب وصعود عبد الفتاح السيسي، خرج نخنوخ بعفو صحي عام 2018، رغم غياب أي مبرر صحي واضح، ليعود اليوم مطالبًا بردّ اعتبار واستعادة حقوقه القانونية والسياسية.
وتشير مصادر إلى أن نخنوخ أسس بعد خروجه من السجن شركة أمن وحراسات يديرها نجل شقيقه جون نخنوخ، تعمل على غرار “فاغنر” و“بلاك ووتر”، وتضم بلطجية وميليشيات، وتستعين بضباط متقاعدين وآخرين في الخدمة لتدريب المتطوعين مقابل رواتب مرتفعة. وفي المقابل، يبقى المعارض السلمي خلف القضبان، بلا اعتبار ولا رحمة، في مشهد يؤكد أن فتح باب العفو للبلطجية مقابل إغلاق باب العدالة، لا يطبق القانون، بل يُفرغه من معناه ويُفصّله على مقاس نظام فاسد يوظف هذه الفئة لمصلحته.
اقرأ أيضاً:










