هكذا تُدار معركة الشباب ضد السيسي اليوم، بعدما فطنوا جيدًا لألاعيب النظام. لا تهوّر ولا مواجهات مباشرة، بل حرب باردة تُخاض عبر الإنترنت. تحركات منظمة أقلقت النظام وتقارير عن استنفار واسع، وحرب أمنية مفتوحة تشنها الأجهزة ضد مجموعات شبابية من «جيل زد» كسرت حاجز الصمت وبدأت تتحرك بوعي محسوب.
بحسب «الشبكة المصرية لحقوق الإنسان»، اعتقلت الأجهزة الأمنية عشرات الشباب، معظمهم من صغار السن، بعد رصد واختراق مجموعات نقاش مغلقة على منصات التواصل، في مقدمتها تطبيق «ديسكورد»، الذي تحوّل إلى مساحة بديلة للنقاش السياسي بعد إغلاق المجال العام بالكامل وكبت الحريات. بعض المعتقلين عُرضوا على جهات التحقيق، وآخرون اختفوا قسريًا بلا تهم ولا إدانات.
مختصون يؤكدون أن ما يجري ليس مراقبة عادية، بل اختراقًا ممنهجًا بعقلية أمنية لا ترى في النقاش فرصة للاحتواء، بل تهديدًا مباشرًا لبقاء النظام. يكفي أن تناقش، تسأل، أو حتى تستمع، فـ«إعمال العقل» جريمة كبرى في قاموس السيسي. أما «ديسكورد» فقد تحوّل إلى كابوس: غرف مغلقة، نقاشات هادئة، تنظيم بلا صراخ ولا عشوائية، ورغم نفي الحظر، يشكو المستخدمون من تضييق تقني متكرر.
هنا جوهر الخوف الحقيقي: ليس الدعوة للتظاهر، بل كشف الحقائق مجرّدة؛ الحديث عن الديون، بيع الأصول، السجون، وسيطرة الجيش على الاقتصاد. نقاشات تصنع وعيًا تراكميًا لا تكسره حملات الاعتقال. «جيل زد» ليس أقلية، بل نحو 40 مليون شاب وشابة في مصر، جيل عالمي فجّر احتجاجات من كينيا إلى بنغلاديش والمغرب، وتجربة المغرب تحديدًا حاضرة بقوة في حسابات الأمن المصري.

